كشفت شقيقة حارق والديه في بلدة سنابس (محافظة القطيف) لـ»الحياة»، ان شقيقها «نفذ جريمته بوعي تام، وتخطيط مسبق، وفي حضور قواه العقلية كافة».
وروت أم بشاير قبيل دفن والدها أمس، المزيد من التفاصيل المأساوية، التي هزت المنطقة الشرقية كافة، ونفت الأخت ما أشيع سابقاً، من كون أخيها في وضع غير طبيعي لحظة إقدامه على إشعال النار في والديه.
وكان مئات من أهالي جزيرة تاروت وبقية مدن محافظة القطيف وقراها، وفدوا على بلدة سنابس، لتشييع الأب الذي أحرقه فلذة كبده، وسادت مشاعر حزن وأسى بين المشيعين الذين انتشروا على طول الطريق المؤدي من مسجد الشيخ محمد إلى مقبرة سنابس، لتشييع الأب الذي لم يغسل، بل اكتفي بتيميمه.
وعلى رغم ان حسين، الذي يُعرف أيضاً باسم «سلطان»، كان يشرب الخمر، ويتعاطى أنواعاً من المخدرات، إلا أنه كان «في وضع طبيعي جداً، لحظة ارتكاب جريمته البشعة صباح يوم الاثنين الماضي، لا بل أنه خطط لها تخطيطاً متقناً، ونفذها بنصف نجاح، إذ تمكن من تنفيذ تهديده بقتل والده حرقاً، فيما فشل في قتل والدته، على رغم حرصه على قتلها»، كما تقول أم بشاير.
الأم المحروقة خائفة على ولدها!
الأم التي ترقد في العناية المركزة في مستشفى القطيف المركزي، مصابة بحروق القدمين والظهر واليد اليمني والجانب الأيمن من الوجه، وجميعها من الدرجة الثانية، إضافة إلى حروق متفرقة في أجزاء من جسدها، ما ان تتكلم «حتى تنادي ابنها حسين، وتسأل عنه بخوف وقلق بالغين، من ان يكون أصابه مكروه، أو تعرض لسوء، لا بل إنها تردد دائماً «قلبي يتمزق خوفاً وقلقاً عليه».
وهي لا تعلم حتى مساء أمس بوفاة زوجها، هذه هي مشاعر الأم بعد كل ما فعله ابنها الذكر الوحيد بين ثلاث بنات، هن أم بشاير، وفاطمة 26 عاماً، وسارة 18 سنة. ولكن ماذا فعل حسين أيضاً؟
تكشف الأخت المزيد من وجوه المأساة «وقّت أخي المنبه على الساعة السابعة والنصف صباحاً، وما ان استيقظ حتى بدأ تنفيذ الخطة، بسكب البنزين في أرجاء المنزل، الذي كان خالياً من أختيه، اللتين خرجا من المنزل قبل الحادثة، بعد أيام من مشكلاته الدائمة معهما ومع أبويه، ثم قيد أخي والده المقعد بحبل إلى كرسيه المتحرك، وضربه ضرباً مبرحاً، حتى أغمي عليه، كما حاول تقييد أمي، ولكنه لم يفلح، وفي الثامنة أشعل النار، ورمى شعلة إلى أوراق في غرفة أبي، وخرج من المنزل، وأقفل الباب بإحكام».
وتتوقف أم بشاير التي تخنقها العبرة، لتواصل رواية ما جرى، نقلاً عن الجيران وعن أمها، وأيضاً من خلال الاعترافات التي أقرّ بها شقيقها أثناء التحقيق معه في شرطة محافظة القطيف، «وقف أخي أمام منزل العائلة الشعبي، وكان ينظر إلى النيران تتصاعد في المنزل، وألسنة اللهب تخرج من نوافذه، ولم يغادر المكان، بل بقي يتابع ما يحدث، ويسمع صرخات أمه تتصاعد، ومنع الجيران من إنقاذها، إذ كانت تحاول الخروج من الباب الوحيد للمنزل، بل هدد كل من يساعدها على الخروج بالقتل، ولكنها تمكنت من الخروج من المنزل، فهرع لها الجيران ببطانية، كي يستروها، ونقلوها لاحقاً إلى المستشفى لعلاجها، فيما بقي أخي أمام المنزل حتى جاءت فرق الدفاع المدني، ومن ثمّ الشرطة، التي ألقت القبض عليه».
عاش مُدلّلاً وانتهى قاتلاً
حسين أو سلطان، والأخير اسم اختاره له والده بعد سنوات من ولادته، فبات يحمل رسمياً الاسم الأول، فيما يُعرف شعبياً بالثاني، لم يعانِ يوماً من تعسف والده، إذ كان الابن الأثير لدى والديه، والأكثر تدليلاً على حساب شقيقاته الثلاث. وما ان بلغ الخامسة من عمره، حتى وقع والده، الذي كان يعمل في شركة «بترومين»، من على سلم، فأصيب إصابة بالغة في ظهره، وأجريت له عمليات جراحية عدة، ولكن من دون فائدة، فبقي طوال 18 عاماً مقعداً، لا يتحرك إلا على كرسي.
وفي الـ16 من عمره، أدخل حسين إلى دار الملاحظة الاجتماعية، بعد سرقته سيارة، وفور خروجه من الدار، تحول إلى «مجرم وسيء الصيت، يصادق أشخاصاً منحرفين، ولاحقاً أصبح يشرب الخمر، ويتعاطى أنواعاً من المخدرات، وكان الناس ينصحون أبي بإدخاله مصحة نفسية لعلاجه، ولكنه «يرحمه الله»، كان يردد «ابني ليس مريضاً، أو مجنوناً، حتى يتعالج، والله سيهديه»، بحسب شقيقته أم بشاير. لم تسلم أسرته من شروره، فلقد كان يفتعل لهم المشكلات في شكل دائم، وتشير أخته أم بشاير، إلى أنه «كان يصنع المشكلات مع أبي وأمي وأختيّ، من لا شيء، وكان سيء الخلق، وخشناً في تعامله، وقاسياً مع الجميع، وعنيداً، ويثور إذا لم يستجب من حوله لمطالبه».
وأضافت «كان يدخل المنزل ويشن هجوماً بالضرب والكلام على والديّ، في سبيل الحصول على المال، وكان والدي يخاف منه، لشراسته، فكان يلبي له ذلك، على رغم أنه كان يطلب الكثير من الأموال، ليصرفها في اليوم ذاته، ويأتي في اليوم التالي مطالباً بالمزيد، وإن رفضا إعطاءه فإنه كان يضربهما، ويسرق ما لديهما من أموال، ولم يكن يبقي على شيء، ووالدي لم يكن يمتلك الكثير من المال، فراتبه التقاعدي قليل جداً، وكانت جمعية تاروت الخيرية تتكفل بمصاريفهما».
وتكمل بأسى «طالما أبكى والديّ، بسبب سوء معاملته وضربه لهما، ولم تكن معاملته سيئة لهما فقط، فقد طردني من المنزل مرات عدة، وكنت أخشى دائماً على أختيّ سارة وفاطمة، من أن يفعل بهما شيئاً، وقد قام بذلك فعلاً، إذ طرد فاطمة قبل شهر من الآن، أما سارة فطردها من المنزل قبل الحادثة بليلة واحدة، وكان ذلك في الثانية فجراً، واتصلت بي كي أقلها إلى منزلي، وفي الليلة ذاتها طرد والدتي أيضاً، ولكنها رفضت الخروج من المنزل، وعادت إليه، كي ترعى والدي المعوق».
ومن خلال ما نقل إلى أم بشاير من محاضر التحقيق، تشير إلى ان شقيقها، «لم يكن نادماً على ما فعل، كما قام بتمثيل جريمته أثناء التحقيق». وتكمل «لا أعلم إن كنا نستطيع مسامحته أم لا، فما فعله سابقاً لا يُغتفر، من ضرب وشتم وتهديد لوالدينا، فكيف سنستطيع الغفران والمسامحة بعد تنفيذ تهديده وتخطيطه للجريمة، وقتل والدي، وحرق والدتي، التي لا نعلم ما سيكون مصيرها، وهل سيشفى جسدها من الحروق، وقلبها من الجروح التي كان ابنها المتسبب فيها جميعاً».
وتأمل أم بشاير وشقيقتاها فاطمة وسارة، ان تنقل والدتهن إلى مستشفى متخصص في علاج الحروق، لعلاجها مما أصابها